منير محمد فوزى الحو
أستاذ أمراض النساء و التوليد جامعة
عين شمس
العملية القيصرية هي عملية جراحية
لاستخراج الجنين الحى من خلال شق
جراحي بالبطن والرحم . عدد الأمهات اللاتي يلدن عن طريق
العملية القيصرية قد ازداد زيادة
مفرطة خلال العشرين عاماً السابقة حتى
وصل إلي حوالي ثلث حالات الولادات في
الولايات المتحدة الامريكية و نسبة
أعلى في بلدان أخرى ( مثل الدومنيكان
و البرازيل و مصر ) وفي حين أن
العمليات القيصرية تعتبرفي كثير من
الأحيان إنقاذاً لحياة الأم و الجنين
إلا أن هناك بعض المخاطر للعملية
القيصرية يجب أن تؤخذ في الحسبان.
مخاطر العملية القيصرية:
- مضاعفات التخدير: سواء كان تخديراً
عاماً أو تخديراً نصفياً أو غيره
لاستخراج الجنين بدون تعرض الأم لآلام
الجراحة فقد يكون للتخدير آثار جانبية
أو بعض المضاعفات المعروفة طبياً.
- إن مخاطر القيصرية بالطبع أكبر وأكثر
من الولادة الطبيعية و منها على سبيل
المثال ماقد يحدث نتيجة النزف أثناء
أو بعد الجراحة وهو بالطبع ما يؤثرعلي
الأم إن لم يتم معالجته بالمحاليل
الطبية و نقل الدم و الأدوية القابضة
للرحم.
- مضاعفات نتيجة تلوث الجرح : فالعملية
القيصرية يتم فيها فتح عدة شقوق
جراحية في طبقات جدار البطن والرحم
مما قد يجعل فتح هذه الطبقات وإعادة
خياطتها عرضة للتلوث.
- حدوث جلطات بالساق وتخثر بالدم .
- طول فترة النقاهة : العملية
القيصرية تحتاج الي فترة نقاهه أكثر
من الولادة الطبيعية ولا تستطيع الأم
العودة لحالتها الطبيعية إلا بعد
التئام جروح البطن مما يجعلها تحتاج
فترة طويلة قبل أن تستطيع العناية
بالمولود الجديد وكذلك أطفالها
الآخرين المحتاجين لرعايتها.
- أثبتت الأبحاث العلمية أن نسبة حدوث
اكتئاب ما بعد الولادة القيصرية يفوق
كثيراً نسبة اكتئاب ما بعد الولادة
الطبيعية نتيجه عدم نوم الأم الكافي
مع مسئولية العناية بالطفل والبيت
والزوج ونتيجة الألم الناتج من جرح
العملية.
أسباب إزدياد نسبة الولادات القيصرية:
- الزواج في سن متأخر. من أهم أسباب
الولادات بعملية قيصرية هو تأخر سن
الزواج بسبب التعليم الجامعى
والدراسات العليا مما أدى إلى تأجيل
الإنجاب بعد التخرج أو بعد النتهاء من
الدراسة أو خوفاً من ترك فرص عمل في
أماكن هامة و ضياع مصدر هام للدخل.
وعلميا هناك بعض المشاكل التي تصاحب
المرأة مع تقدم السن خاصة إذا تأخرت و
تزوجت مثلاً في العقد الرابع من العمر
مثل الأورام الليفية و البطانة
المهاجرة و مشاكل الإباَضة و تأخر
الإنجاب. ويكفى أن نتذكر نصيحة وحديث
حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم ما صحّ عن عبد الله بن مسعود -رضي
الله عنه- حيث قال: (لقَدْ قالَ لَنَا
النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ:
يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ
اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ
فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ
فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ)
- إن تطور الطب الجراحي في الحقبة
الماضية وتحسن تقنية العملية القيصرية
وتحسن العلاج بالمضادات الحيوية أدى
إلى اللجوء للعمليات القيصرية لتقليل
المضاعفات للطفل علي حساب الأم كذلك
استخدام الأدوية القابضة للرحم
والسوائل الوريدية للأم ونقل الدم
وإسعافات قسم الأطفال والحضانات
والرعاية المركزة للجنين وتحسن وسائل
التخدير أدي الي كثرة استخدام
العمليات القيصرية وعدم تقبل أي
مضاعفات للجنين نتيجة الولادة
الطبيعية.
- العديد من المخاطر أثناء فترة الحمل
مثل سوء التغذية و عدم ممارسة الرياضة
كالمشى و الإيروبك وكذلك المضاعفات
التي قد تحدث مع الحمل مثل ارتفاع ضغط
الدم و الحمل السكرى الخ .. وكذلك نمو
الجنين المتأخر و بطء حركة الجنين
التى تستوجب فى أغلب حالتها ضرورة
إتمام الولادة فى موعد مبكر عن الموعد
الطبيعى لها حفاظاً على صحة الأم
والجنين، وهو ما يعنى ضرورة التدخل
الجراحى وإتمام الولادة بعملية قيصرية
قبل الميعاد المنتظر للولادة
- انخفاض قوة تحمل الأم
لألم الولادة
الطبيعية و الخوف من مضاعفات الجنين
أو الخوف من أي مضاعفات غير مبررة
للولادة الطبيعية و كذلك خوف الأطباء
من المسئولية القانونية في حال حدوث
مضاعفات للجنين أثناء الولادة
الطبيعية.
- مشاكل ناتجة عن المشيمة و ومضاعفاتها
مثل اندماج معيب بالمشيمة في الرحم
كذلك انفصال المشيمة أثناء الولادة
وهي حاله في منتهى الخطورة وفي منتهى
الصعوبة جراحياً وقد تؤدي الي وفاة
الجنين أو استئصال الرحم كلياً أو غزو
المشيمة للمثانة ومضاعفات أخرى كثيرة.
لذلك في بعض الأحوال المختارة بعناية
ومع وجود الإحتياطيات الطبية من وجود
طبيب متمرس وهيئة مساعدة من الأطباء
والتمريض وأطباء التخدير وعدم وجود
سبب طبي يمنع الولادة الطبيعية فعلى
أطباء الولادة إعطاء الفرصة للولادة
الطبيعية.
- استسهال بعض الأطباء للولادات
القيصرية على الولادات الطبيعية أو
اختصاراً للوقت .
- إلا أن هناك من السيدات اللاتي يخترن
الولادة القيصرية في حين أنه لا توجد
ضروره طبية لهذا الأجراء إلا أن وجود
بعض المعتقدات الموروثة والخاطئة في
كثير من الأحيان تتعلق بأضرارمتعلقة
باتساع قناة الولادة والتأثيرعلي
الحياة الزوجية من أثر الولادة
الطبيعية أو من حدوث جروح في المهبل
وقطع لعضلات الحوض و آلام أثناء
الجماع وكل هذه الأمور حتي وإن حدثت
فيمكن علاجها تماماً وإرجاعها
لطبيعتها الأولي .
الولادة الطبيعية بعد القيصرية
ان حدوث تهتك للجرح مكان العملية
القيصرية السابقة اثناء الولادة
الطبيعية ( نظرا لانقباض الرحم
المستمر اثناء الولادة الطبيعية )
لايتعدي نسبة حدوثه ١ % .
ولكن النسب السابقة كانت أعلى بكثير
في الماضى (نظرا لأن العملية القيصرية
في السابق كانت تتم بشق رحمى طولى
(Upper Segment CS incision.)و هو ما
لا يعمل الان لأن الشق الرحمى منذ
أوائل السبعينات يتم من خلال شق رحمى
عرضى في الجزأ الأسفل من الرحم.
(Lower Segment CS) لذلك فنسب تهتك
الجرح أاثناء الولادة الطبيعية بعد
القيصرية أقل بكثير من الماضى. لذلك فالولادة الطبيعية بعد القيصرية
واردة وآمنة .. لكن لابد ان تكون هناك
بعض الاحتياطات المهمة.ولقد وضعت
الكلية الأمريكية لأمراض النساء و
التوليد بعض المعاير الطبية للحالات
التى ىسيتم محاولة توليدها ولادة
طبيعية بعد قيصرية سابقة TRIAL OF
SCAR)). و هي كما يلى :
جميع الولادات تعطى فرصة للولادة
الطبيعة الا ان كان حوض السيدة ضيق
بشدة أو به تشوهات عظمية و بشرط.
- أن يكون جنين واحد.
- أن ينزل الجنين بالرأس أولا.
- يكون وزن الجنين أقل من ٤ كجم،
- تكون الأم قد سبق لها الولادة
القيصرية مرة واحدة فقط.
- في مستشفى مؤهل تأهيلا عاليا.
- أطباء و تمريض و أطباء أطفال أكفاء.
- متابعة رسم قلب الجنين طول فترة
الولادة.
- تجيز معمل لأى طوارئ اثناء الولادة.
في النهاية
: إن الهدف الأساسي الذي
نسعي إليه جميعاً هو ولادة آمنة للأم
والجنين . لذا فسواء تمت الولادة
طبيعية او اضطررنا للتوليد من خلال
عملية قيصرية ففي الحالتين المهم هو
الأمان ويجب أن يقر في وجداننا أن
قرار اجراء جراحة قيصرية يجب أن يكون
مبرراً من الناحيه الطبية والوضع في
الإعتبار أن هناك بعض العوامل
الإجتماعية المؤثرة في تحديد نوع
الولادة مثل تأخرسن الزواج وتأخر أو
تأجيل سن الأنجاب.
ومن المعلوم أن مضاعفات العملية
القيصرية من مضاعفات مرضية ووفاة
تضاعفت خمس مرات عن الولادة الطبيعية
.
وهناك أيضاً خوف شديد لدى بعض الاطباء
من توليد الأم ولادة طبيعية بعد ولادة
قيصرية نظراً الخوف من المسئولية
القانونية في حال حدوِث أي مضاعفات .
مميزات الولادة الطبيعية
- ومن مميزات الولادة الطبيعية أن
إنقباضات الرحم أثناء الولادة
الطبيعية تجعل الجنين مستعدا للتنفس
الطبيعي وذلك لوجود سوائل داخل الرحم
وحول الجنين وفي رئة الجنين وهذه
السوائل تخرج من رئة الجنين و تجعل
رئته فارغة وجاهزة للتنفس الطبيعي و
ذلك بتأثير انقباضات الرحم طوال فترة
الولادة الطبيعية وللإمتلاء بالأكسجين...
كذلك الولادة الطبيعية وما فيها من
ضغوط عصبيه يجعل الأم تفرز ماده
الكورتيزون وهي مطلوبه للجنين في
الفترات الأولي بعد الولادة فهى تساعد
على التنفس الطبيعى.
- الطفل أثناء مروره بقناه المهبل
يستطيع الحصول علي بعض البكتريا
النافعة مما يساعده علي تحفيز جهازه
المناعي لمقاومة الإلتهابات والإقلال
من حساسية الصدر .
- وهناك أيضا فوائد للولادة الطبيعية
منها سرعة البدء بإرضاع الجنين وكذلك
الإقلال من مضاعفات الولادات القادمة
فأنه إذا تم إجراء عملية قيصرية للأم
فاحتمال تكرار العملية في الولادات
القادمة وهو مايحدث في أغلب الأحوال .
- من المعلوم طبياً ان نسبة حدوث
مضاعفات بعد الولادات الطبيعة تكون
اقل عن الولادات القيصرية مثلا من
ناحية مضاعفات إنجابية ، إجهاض رحمي
ووفاه الجنين داخل الرحم ومضاعفات
خاصة بالتصاقات المشيميه الخ.
يجب علينا الأخذ بجميع الأسباب
للتوليد ولادة طبيعية فهي قطعاً
البداية و قد سميت طبيعية لأنها مع
الطبيعة البشريه ولكن هذا لايمنع ان
هناك بعض الحالات التي تستوجب الولادة
القيصرية من أجل مصلحة الأم والجنين و
الطبيب الأمين و المدرب طبيا يستطيع
أن يميز جيداً.
ختاما المعروف علمياً إن تأخر الزواج
و تأخر سن الانجاب عند السيدات يؤدى
الى زيادة الإجهاض المبكر نظرا لعيوب
في الكروموسومات و الجينات عند الجنين.
كذلك مضاعفات أثناء الحمل مثل إرتفاع
ضغط الدم و ارتفاع نسبة سكر الحمل قد
يؤدى الى الولادة المبكرة ونمو بطيء
للجنين ووفاة الجنين داخل الرحم و
تأخر الإنجاب و ما يتبعه من مشاكل
كثيرة.وكل ما سبق يؤدى الى زيادة نسبة
العمليات القيصرية.
وأخيراً فإن الحكم هو الضمير السليم
والإيمان الصحيح فهو الذي يجعل الطبيب
يميز ويختار وينفذ بناءا علي ذلك و
قرار التوليد بعملية قيصرية مسئولية
كبيرة أمام الله تعالى ...فهو يحدد
عدد الأطفال لهذه السيدة في المستقبل..
|