الحكم الشرعي في نقل الاعضاء

ثانياً : تحريم نقل الاعضاء من الاحياء :-

 

 

 1-اورد  الاستاذ الدكتور / صفوت حسن لطفى فى  كتابه (  اسباب تحريم  نقل  وزراعة الاعضاء الادمية )  الحكم الشرعى بتحريم  نقل  الاعضاء البشرية والتصرف فيها بأى صورة من الصور كالبيع او التبرع  او الهبة او الوصية او غيرها ... ويستند هذا الحكم الشرعى الى  ما يلى :-

أ-ان جسد  الانسان ليس مملوكاً له .. وانما هو ملك خاص لله تعالى ولا يحق للانسان  التصرف  بالبيع او الشراء او الهبة او التبرع لاى عضو من اعضاء هذا الجسد .. وقد اكد الائمة الاربعة وجمهور الفقهاء ان جسد الانــسان مكرم حياً وميتاً مصداقاً لقوله تعالــى ( ولقد كرمنا بنى ادم  وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم  على كثر ممن  خلقنا تفضيلاً ) ( الاسراء /70 ) .. وبالتالى فهو ليس محلاً للبيع او الشراء او الهبة او التبرع.

ب-ان التبرع بالاعضاء – كالكلى او فص من الكبد – فيه ضرر مؤكد بالمتبرع ( يصل كما اوضحنا الى الوفاة او الفشل الكلوى فى حالة التبرع بالكلية او الفشل الكبدي قي حالة التبرع بفص من الكبد ) ومن ثم فان هذا التبرع محرم شرعاً لقوله تعالى ( ولاتلقوا بأيديكم الى التهلــكة ) ( البقرة /195) وقــوله صلى الله وسلــم ( لاضرر ولا ضرار ) ونستنبط من الاية والحديث الشريف ان المسلم مسئول  عن ان ينأى بنفسه عن  اى موطن  من مواطن التهلكة وان يبتعد عن اى امر يلحق به الاذى او الضرر وانه سوف يحاسب عن مخالفته لامر الله ورسوله مصداقاً لقوله تعالـى ( فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم ) ( النور /63)

 ومن الجدير بالذكر فى هذا الموضع ان البعض – تبريراً لاباحة نقل الاعضاء المأخوذة من الاحياء – يزعمون ان انتزاع  واحدة من الكليتين لا يترتب عليه ضرر كبير وان كلية واحدة تكفى لاداء الوظيفة التى تقوم بها الكليتان .. وهى مغالطة علمية فادحة كما اوضحنا فى موضوع ( الاحتياطى الوظيفى للكلى ) .. كما ان هذا الزعم يخالف المعتقد الصحيح فى حكمة المولى عز وجل فى خلق الانسان فى احسن تقويم كما يقول تعالى ( لقد خلقنا الانسان فى احسن  تقويم ) ( التين /4)  .. فالأعتقاد بتمام الخلق وكماله يتعارض مع قول البعض  - وحاشا لله – بأن هناك اعضاء او اجزاء زائدة وانه يمكن للجسد ان يعمل طبيعياً بدونها او ان هناك اعضاء مزدوجة يمكن الاستغناء عن عضو منها والاكتفاء بالعضو الاخر دون خلل فى وظائف الجسم ..فلقد خلق  الله كل شىء فى  الوجود لحكمة تراد من هذا الخلق سواء ادركنا هذه الحكمة او قصرت عقولنا عن ادراكها مصداقاً لقوله تعالى ( انا كل شىء خلقناه بقــدر)  ( القمر 49)  كما يجب ان نعتقد ان قطع اى عضو من الجسد وازالته لا بد ان ينشأ عنه خلل وضرر يصيب وظائف الجسم سواء توصل الاطباء الى تحديد هذا الضرر وذلك الخلل ام قصر  ادراكهم وعملهم حتى الان عن بلوغه.

ج-ان الحكم الشرعى فى اى جزء يقطع من جسم الانسان الحى  هو حكم الميتة مصداقاً للحديث الشريف ( ماقطع من حى فهو ميتة ) .. ومن هذا الحكم المطلق وغير المقيد لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  استدل الائمة الاربعة على انه اذا ماتعرض عضو من جسد الانسان لبتر او قطع وجب معاملة هذا العضو او الجزء المقطوع معاملة الميت فيغسل ويكفن ويدفن هذا  العضو .. والقطع هو اساس التحريم لانه مرتبط بقطع عضو او جزء من الجسد وعدم تعويض الجسم عن الجزء المقطوع .. وهذا ايضاً ماجرى عليه العرف بين المسلمين فى كافة انحاء الأرض.

د- ان المولى عز وجل قد خلق لكل داء دواء وامر المسلمين بأن يأخذوا بأسباب العلاج والدواء .. فيقول الحديث الشريف ( ان الله انزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تتداووا بحرام ) ويحث الحديث الشريف المسلمين  على ضرورة البحث عن كل صور التداوى واتخاذ كل اسباب البحث عن الدواء ( تداووا).. ويبين الحديث الشريف ان كل داء يمكن ان يصاب به الانسان قد جعل الله له الدواء الذى يشفى هذا الداء وانه ليس هناك مرض او داء بغير دواء ( جعل لكل داء دواء) .. ومن ثم فإن الاطباء المسلمين لا بد ان يبذلوا الجهد فى التماس الدواء لكل داء دون ان يلجأوا الى دواء محرم شرعاً او الى وسيلة للعلاج تتعارض مع ماانزل الله من احكام فى القرأن والسنة الشريفة .. ولقد حذر الحديث الشريف من هذا المسلك فى قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولا تتداووا بحرام ) .

2-   اكد الكثيرون من الفقهاء  التحريم المطلق لنقل الاعضاء  من الانسان الحى ... وقد اوردت هذه الحقيقة بالتفصيل الكثير من الكتب والفتاوى ومن بينها مايلى :-

أ-الدكتور/عبد السلام السكرى استاذ الفقه بجامعة الازهر  فى كتابه ( نقل وزراعة الاعضاء الامية من منظور اسلامى ) .. . وقد اكد التحريم الكامل لنقل الاعضاء الآدمية  بين الاحياء سواء كان ذلك بالتبرع او بالبيع او غيره .. وقد اورد فى كتابه اقوال ائمة الفقه الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فى حرمة الادمى  وحرمة جسده وعدم جواز تبرع الانسان بجزء من جسده للمريض وطلب من كل من يلتمس الرأى الصحيح فى هذه القضية ان يرجع الى هذه الاقوال الموثقة .. وقال انه على حين يقدم القائلون بتحريم  نقل الاعضاء الادمية  الادلة الشرعية على التحريم فإن القائلين  بالإجازة لايقدمون دليلاً فقهياً واحداً على ذلك

 ( راجع الوثائق ).

ب-.الدكتور / عبد العظيم المطعنى الاستاذ بجامعة الازهر فى كتابه ( نقل الاعضاء بين  الاباحة والتحريم ) والذى اكد التحريم الكامل لنقل الاعضاء الادمية  وأورد بعض القواعد الاصولية التى تؤكد تحريم نقل الاعضاء البشرية من حى الى حى ومن ميت الى حى ومن بينها مايلى :-

·        القاعدة الاصولية (  الضرر لايزال بالضرر ) .

·        القاعدة الاصولية ( لاضرر ولا ضرار) .

·        القاعدة الاصولية  (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح).

·        قاعدة  (سد الذرائع) .

      ( راجع الوثائق )

 

ج-الدكتور/ عبد الفتاح محمود ادريس استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر فى كتابه

( حكم التداوى بالمحرمات ) .. وقد اكد فى كتابه ان جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة  يمنعون قطع العضو من ادمى حى لينتفع به غيره ولو كان هذا الغير مضطراً الى ذلك .. وقد اكد الكتاب ان هذا التحريم للتداوى  بنقل الاعضاء وزراعتها  يماثل التحريم فى التداوى بكافة المحرمات الاخرى مثل التداوى بالمسكرات  والمخدرات  والنجاسات  واجزاء الخنزير  والسموم وغيرها من المحرمات التى اوردها الكتاب بالتفــصيل نقـلاً عن كتب الفقه ( راجع الوثائق ).

د-الدكتور / موسى شاهين لاشين  الاستاذ  بكلية اصول الدين  فى فـتواه بعنوان

 ( التبرع بالاعضاء غير جائزوالوصية بها باطلة ) بتاريخ 15/5/1997 وقد اكد ان الجسد ملك لله وان الانسان لايحق له التبرع بأى جزءاًَ من جسده سواء فى حـــياته او بعد وفاته ( راجع الفتوى بالوثائق) .

هـ-الدكتور/ عبد الرحمن العدوى استاذ الفقه بجامعة الازهر الذى اكد فى فتواه بتاريخ 23/5/1996  التحريم الكامل للتبرع بأى جزء من جسد الانسان لأنه مملوك للخالق عز وجل وان الفقهاء قد اكدوا انه لايجوز لاى انسان ان يقطع جزءأً من جسده لمصلحة غيره وانه يحرم شرعاً ان يبيع المسلم جزءاً من اعضائه مقابل المال

( راجع الفتوى بالوثائق ).